سبط الرسالة
صفحة 1 من اصل 1
سبط الرسالة
جالسٌ بمفرده بعد أن انفضَ من حوله الناس بادياً عليه الحزنَ والتأثر متذكراً ما طرق مسامعه من قبل بأنه لا عقب لَهُ فحباهُ الله بالكوثر قائلاً له: (إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانك هو الأبتر) فاستبشر خيراً ولكنه الآن ينتظر البشارة من بيتِ (علي) عليه السلام لأن الكوثر فيه وهو ينتظر عقبهِ منهما (عليهما السلام).
وفي ليلةِ النصف من رمضان للسنة الثالثة من الهجرة جاءَ الوعدُ الإلهي وسرت تباشيرُ الفرح في فؤادِ الرسول (صلى الله عليه وآله) بأن حقق الله وعده ورد كيد الأعداء إلى نحورهم فأبطلَ أكذوبة المشركين فَها هو (وِلدَ) ليكون أول فرعٍ من شجرته امتداداً لرسالته من بعده، فنادى يا أسماء أين ولدي؟ فأسرعت به (أسماء بنت عميس) إلى جده فأخذَ وليدهِ برفقٍ وضمه إليه وراح يلثمه بعطفه وحنانه ثم بدأ يُقطرِ بأذنيه الإيمان ويعصر في روحه آيات التكبير والتهليل. فكان غذاؤه الأول الله أكبر وأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإذنه اليُمنى وأقام في اليسرى... فكان غذاؤه الأول الله أكبر وأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأذنه اليُمنى وأقام في اليسرى.. وتذكر (أسماء) ان عند ولادته دخل علي على فاطمة (عليهما السلام) وسألها عن اسم المولود فأجابته وما كنت لأسبقكَ إلى تسميته فأجابها قائلاً: وما كنت لأسبقَ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء الإمام علي (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسأله عن اسم المولود فأجاب رسول الله وما كنت لأسبق ربي فنزل (جبرائيل) من السماء على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: إن الجليلَ يقرؤكَ السلام ويقول لك اسمه (حسن).
نشأ في حضن الرسالة لتعلقه بجده المصطفى (صلى الله عليه وآله) ودرج في ملاعبها ينهَلُ منها علماً وفروسية فكبرت مَعهُ الآمال الكبيرة في نشر رسالة جدهِ إلى أبعدِ أفقٍ يستطيعه فعَملَ جاهداً مجتهداً في ضروب العلم والوطيس فكان للحرب فيصلاً وللسياسةِ قطباً، يهابه العدو ويخشاهُ ويجله الناس ويتوددون إليه لسمو أخلاقه التي هي امتدادٌ لخلق الرسول (صلى الله عليه وآله) فكان (عليه السلام) أشبه أهل البيت خَلقاً وخُلقاً وحكمةً وحُلماً برسول الله (صلى الله عليه وآله).
كان (عليه السلام) أحسنُ الناس وجهاً أبيضُ مشرباً بالحمرةِ أدعجُ العينين سهلُ الخدين كأنَ عنقهُ إبريق فضة بعيدُ ما بينَ المنكبين حَسنُ البدَنِ ليسَ بالطويل ولا بالقصير مليحاً من أحسن الناس وأعبدهم في زمانه وأزدهم بالدُنيا ولم يبلغ أحدٌ أطراف كرمه رأى ذات يومٍ غلاماً أسود يأكلُ من رَغيفٍ لقمةٍ ويطعمُ كلباً أَمامَهُ لُقمة فسأله: (ما حَملَك على هذا؟) قال: (إني أستحي منه أن آكلَ ولا أُطعمه) فقال له الحسن (عليه السلام): لا تبرح مكانك حتى آتيك، فذهب إلى سيدهِ فأشتراهُ وأشترى البستان الذي هو يَعملُ فيه... ثُمَ أعتقهُ ومَلكَهُ البستان.
كانَ الإمام إذا حَجَ حجَّ حافياً وكان أصدق الناس لهجة وأفصحهم منطقاً وكانَ إذا بلغ المسجد رَفع رأسه قائِلاً: (إلهي ضيفكَ ببابك يا محسن قد أتاك المُسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم).
وبعد اغتيال أمير المؤمنين (عليه السلام) من قبل العصابة الباغية في رمضان ومضى الإمام (عليه السلام) إلى ربه راضياً مرضياً تحف به الملائكة والأنبياء ليكون ضيفَ العرش حتى قيام الساعة. تاركاً محرابه لابنه الحسن (عليه السلام). فأمَ الناس مصلياًف يهم صلاة الفجر من ذلك اليوم الأسود.
قام ابن عباس داعياً القوم إلى بيعة ابن رسول الله الإمام (الحسن) عليه السلام دونَ علمهِ... فبايعته الناس على مختلف ألوانها وأجناسها فرفضها بقوله: (دعوني والتمسوا غيري، فأنكم مستقبلون أمراً لَهُ وجوه وألوان لا تقوم لَهُ القلوب ولا تثبت عليه العقول. وأعلموا إني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغِ إلى قولِ القائل وعتب العاتبِ وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خَيرٌ لكم مني أمير). وكان قد خَبرَ القوم إبان حكم أبيه (المرتضى) ومشاركته إياه في حروبه فكان فارساً تَطأطَأة له الرؤوس وسجدت أمام شجاعتهِ السيوف. ولكنه تقبل إمارتهم استجابة لضغط الجماهير والصحابة عليه بقبول الخلافة فأجابهم وركبها قهراً.
وأوقفَ المكاتبات مع (معاوية) لعنه الله وقام بتعبئة جيشه وتثوير الشعب وتشجيعه استعداداً لخوض الحرب ضد معسكر الشام ولكنه جوبه بأحجام القوم عن تلبية نداء الجهادِ ورغبتها بالخنوع والراحة ورغم الموقف السلبي ذلك أرسل الإمام (عليه السلام) أول فرقة بقيادة عبيد الله بن العباس وهي أكبر فرق جيش (الحسن) عليه السلام ولكن هذا أغواه الشيطان فمال إلى معاوية فآثر المال والشهوات على الفضيلة وجزاء الآخرة برضا الله فباع دينه بدنياه فدب التخاذل في صفوف تلكَ الفرقة فقد استسلم طائعاً لجيش ماوية ثمانية آلاف وتمكن قيس بن سعد من أن يقود أربعة آلاف رجل من المجاهدين ولكن الذي احبط من همهم استمالة معاوية لكندي أحد قواد فرق الحسن (عليه السلام).
على قصرِ عهده في الخلافةِ كان الإمام الحسن (عليه السلام) من أطول الخلفاءِ باعاً في الإدارة والسياسة فلما رأى أن الموقف العسكري ليسَ بصالحه قرر أن ينقصر سياسياً وهكذا استأنف المكاتبة مع معاوية وتعرض إلى محاولة اغتيال إبانها حيث رماه (الجراح بن سنان) برمحٍ أصابة ساقه مما حدى بالإمام أن يرجح كفه المسالمة بالصلح المشروط وهكذا حضر معاوية إلى الكوفة ليوقع مَعَ الحسن عهد الصلح مشروطاً برجوع الخلافة إلى أهل البيت (الحسن. ثم الحسين) مع بعدهِ.
رجع الإمام بعيال الرسول وعليٍ (عليهم صلوات الله) إلى مكة مثقلُ بالهموم وجراحات الغدر وبقي عقدين من الزمن توافدت الناس على الإمام من كل الأمصار وكانت رهن بنانه ولكنه آثرَ الالتزام بالعَهد الذي قطعه ولكن معاوية (لعنه الله). لم يهدأ له بال فقد أوجسَ خيفة من قيام (الحسن) عليه السلام بحركة تؤدي إلى الإجهاز على نظامه اللاشرعي فجمع أشرار قومه من دهاقنة الشر بعد أن أشار عليهم رغبته بالتخلص من (الحسن) عليه السلام لتنامي نشاطه الرسالي وان وقف معاوية أمام تياره مكبلاً فمصيره ضياعه والملك فقرر (لعنه الله) تصفية الإمام بطريقة غير مباشرة خوفاً من غضب أنصار الإمام وأصحابه الذين هم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فاختارَ معاوية السم وسيلة هادئة لتنفيذ جريمته النكراء واستطاع أن يخترق بيت الإمام (عليه السلام) عليه السلام من خلال اتصاله بواسطة شبكة من النساء اتصلت أحداهن بـ(جعدة) بنت محمد بن الأشعث الكندي زوجة الإمام فأغرتها بعرض (معاوية) لعنه الله بعطيته عشرة آلاف دينار وعشر ضياعٍ وبتزويجها من ابنه (يزيد) لعنه الله فلم تطل التفكير أمام تلكَ المغريات... وافقت ودسَت السُمَ في طعامه (عليه السلام) فنظرها شزراً حينما جاءته بطبق الطعام وقال: (إنا لله وإنا إليه راجعون)... فسرى السم منتشراً في جسد الإمام مقطعاً أمعاءه ألماً فحضرَ (الحسين) عليه السلام وقبله بين عينيهِ ووقف عليه وقد بدا لونه يخضر ويصفر ويخضر فقال لَهُ (الحسين) عليه السلام لقد قطعتَ نياط قلبي يا أخي يا (حسن) فردَ عليه قائلاً: يا أخي يا حسين لقد صَحَ حديث جدي فيَّ وفيك.. أنت تقف على رأسي الآن تودعني. فمن سيقف عندك غداً ومن سيودعك.
ثُمَ تعانقا ليسكت الإمامَ
ويسكنُ
جسده الطاهر. ليرقد
رقدته الأخيرة
مضمخاً بجراح الغدر
رحاب الزهرة- رحـــــ الإدارة ـــــــــاب
- عدد الرسائل : 214
العمر : 30
التوقيع : رحاب الزهرة
لقب : الدلوعة عشان خاطركم
قوة زهراتك بالمنتدى :
توقيع : منتدى رحاب الزهرة
مسج : رحاب الزهرة
تاريخ الميلاد : 25/12/1993
تاريخ التسجيل : 09/12/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى